حكم تأجير الرحم في الاسلام

تأجير الرحم  أو ما يُعرف بالأم البديلة، من القضايا المستحدثة التي ظهرت مع تقدم العلوم الطبية وتقنيات الإنجاب المساعدة، ولم تكن مطروحة في العصور الأولى للإسلام. لذلك، لا توجد آية أو رواية تدل بشكل صريح على هذا الموضوع. وبسبب تعقيداتها الأخلاقية والشرعية، تباينت آراء الفقهاء حول مشروعيتها وحدود جوازها. كما أن هذه التقنية تثير العديد من التساؤلات المتعلقة بالنسب، والميراث، وحقوق الطفل، مما يستوجب بحثًا دقيقًا لضمان توافقها مع أحكام الإسلام وحماية حقوق جميع الأطراف المعنية. خلال هذا المقال نقدم تفاصيل عن حكم تأجير الأرحام في الاسلام بين المؤيدين والمعارضين.

تأجير الأرحام عند السنة

اتفق علماء أهل السنة على تحريم تأجير الرحم، لكونه يتضمن إدخال طرف ثالث في عملية الإنجاب، مما يسبب مشاكل في تحديد الأم الحقيقية للطفل. هل هي المرأة التي أعطت البويضة، أم المرأة التي حملت الطفل في رحمها؟

هذا التساؤل جعل العديد من العلماء يصدرون فتاوى تمنع هذا الأمر، ومن بينهم مجمع الفقه الإسلامي في مكة المكرمة. ولا يهم من هي صاحبة البويضة، سواء كانت قريبة أو أجنبية أو حتى زوجة أخرى لنفس الزوج، فالحكم يظل هو عدم الجواز.

حكم تأجير الرحم عند الشيعة

لدى علماء الشيعة ثلاثة آراء أساسية حول هذه المسألة: الجواز المطلق، التحريم المطلق، والجواز المشروط.

  1. الجواز المطلق: يرى بعض الفقهاء أن تأجير الرحم جائز في حد ذاته، ومن بين هؤلاء: السيد علي الخامنئي، السيد علي السيستاني، الشيخ لطف الله صافي الكلبايكاني، السيد موسوي الأردبيلي.
  2. التحريم المطلق: هناك فقهاء مثل الشيخ محمد تقي بهجت، والشيخ محمد جواد فاضل اللنكراني، الذين يرون أن الحمل البديل أمر غير جائز شرعًا على الإطلاق.
  3. الجواز المشروط: يجيز بعض الفقهاء هذا الإجراء بشروط معينة، مثل الشيخ جعفر سبحاني، والشيخ نوري الهمداني، والشيخ خرازي، الذين يشترطون أن تكون الأم البديلة غير متزوجة، وأن يتم عقد زواج بينها وبين الرجل صاحب النطفة خلال فترة الحمل.

الأدلة التي يستند إليها المؤيدون

القائلون بالجواز يستندون إلى أصل البراءة، وقاعدة العسر والحرج، وعدم وجود دليل على التحريم، وعدم الاستناد إلى إلغاء الخصوصية، وأصالة الحلّية، والتي سيتم توضيحها على النحو التالي:

أصالة البراءة: تعني أن الأصل في الإنسان أنه غير مكلف بأي شيء إلا إذا وجد دليل شرعي واضح يلزمه به. ببساطة، إذا شككت في وجوب فعل شيء أو حرمته، ولم تجد دليلًا واضحًا بعد البحث، فأنت غير ملزم بهذا الشيء، ولن تحاسب عليه سواء فعلته أو تركته.

قاعدة نفي العسر والحرج: تعني أنه إذا كان هناك أمر ديني يصعب على الشخص تحمّله بسبب مشقته الشديدة، فإنه يُعفى من ذلك التكليف.

أصالة الحلّية: معنى هذا الأصل هو أن الإنسان يملك الحق في التصرف في الأشياء الموجودة في الخارج كما يشاء، إلا في الحالات التي ورد فيها دليل على المنع. لذا، إذا شككنا في حلالية أو حرمة شيء ما، نطبّق أصل الحلية ونحكم بأنه حلال.

اقرأ المزيد: تجميد البويضات في الإسلام

الذين يجيزون هذا الإجراء يشيرون إلى عدة نقاط وشروط يجب مراعاتها:

هذا الفعل في حد ذاته لا إشكال فيه، ولكن يجب تجنب اللمس والنظر المحرَّم.

حسب معظم العلماء، فإن الطفل الناتج يتعلق بالزوجين، صاحب النطفة وصاحبة البويضة. ولا توجد علاقة وراثية بين الأم البديلة والمولود، ولا تعتبر أمها.

يرى بعض العلماء وجود تشابه بين الرضاع وتأجير الرحم، فكما يُكسب الرضاع المحرمية بين الطفل والمرضعة، فإن استئجار الرحم يؤدي أيضًا إلى ثبوت المحرمية، لكن دون أن يترتب عليه حقوق مثل النفقة أو الولاية أو الإرث.

الأدلة التي يستند إليها المعارضون

بعض الفقهاء يرون بتحريم تأجير الرحم بناءً على الأسباب التالية: 

في القرآن آيات تأمرنا بوضوح بحفظ الفروج والعورة. حفظ الفرج يعني صونه من اللمس والنظر من غير الزوج، وهذا يشمل كل شيء، مثل النطفة الأجنبية، الأدوات الطبية، وغير ذلك.

كما يمكن أن يؤدي ذلك إلى اختلاط الأنساب وعدم وضوح حقيقة الأمومة للطفل وإثارة الشكوك حولها. كما أن فقهاء أهل السنة قاسوا اختلاط الأنساب على الزنا، واستنادًا إلى هذا القياس اعتبروا هذا الفعل محرمًا.

يعتبر بعض فقهاء أهل السنة هذا الفعل تشبهاً بالكفار، ويعدّونه من بدعهم، ولذلك يحكمون بحرمته.

الخاتمة

تأجير الأرحام يثير جدلاً فقهياً بين السنة والشيعة. علماء السنة يحرمونه مطلقًا خوفًا من اختلاط الأنساب ومشاكل تحديد الأمومة. أما علماء الشيعة، فآراؤهم تتنوع بين الجواز المطلق، التحريم المطلق، والجواز المشروط بضوابط تمنع المحرمات. المؤيدون يستندون إلى أصالة البراءة وقواعد تيسير الدين، بينما المعارضون يستدلون بآيات حفظ الفروج والخشية من اختلاط الأنساب والتشبه بغير المسلمين. يبقى الموضوع معقدًا يستدعي دراسة متأنية للضوابط الشرعية والأخلاقية.

اقرأ المزيد عن هذا الموضوع: ايجابيات وسلبيات تأجير الرحم

اقرأ المزيد حول هذا الموضوع: حكم التلقيح الصناعي

اقرأ المزيد حول هذا الموضوع: حكم التلقيح الصناعي عند السيد السيستاني

اقرأ المزيد حول هذا الموضوع: حكم تحديد جنس الجنين (PGD)

اقرأ المزيد عن هذا الموضوع: افضل دول لتأجير الرحم

اقرأ المزيد عن هذا الموضوع: شروط تأجير الرحم

المرجع:

 

https://journals.miu.ac.ir/article_9556_cf7a5a08c3b23d2d0c73553f0011670f.pdf

 

تقييمك :

يشارك :

مصدر :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *