تجميد الحيوانات المنوية: الطريقة، الشروط، المدة
في ظل التطورات الطبية الحديثة، أصبح تجميد الحيوانات المنوية خيارًا أساسيًا للحفاظ على فرص الإنجاب في المستقبل، خاصةً للرجال الذين قد تتأثر خصوبتهم بسبب مشاكل صحية أو علاجات طبية، مثل السرطان، أو لأولئك الذين يعملون في بيئات عالية الخطورة. تُستخدم هذه الحيوانات المنوية لاحقًا في تقنيات الإنجاب المساعدة، مثل التلقيح داخل الرحم (IUI) أو الإخصاب في المختبر (IVF).
لماذا يتم تجميد الحيوانات المنوية؟
هناك العديد من الأسباب التي تدفع الرجال إلى تجميد الحيوانات المنوية، يُعد علاج السرطان من أكثر الدوافع شيوعًا، حيث يمكن أن يؤدي العلاج الكيميائي أو الإشعاعي إلى انخفاض أو انعدام عدد الحيوانات المنوية في السائل المنوي، كما قد تؤدي بعض الجراحات، مثل استئصال الخصيتين لعلاج سرطان الخصية، إلى توقف إنتاج الحيوانات المنوية تمامًا.
تشمل الأسباب الأخرى ما يلي:
التقدم في العمر: مع التقدم في العمر، تتراجع جودة الحيوانات المنوية بسبب انخفاض تركيزها، وتغير شكلها، وضعف قدرتها على الحركة. لذا، قد يكون تجميد الحيوانات المنوية خيارًا مناسبًا لمن يخطط لإنجاب الأطفال في مراحل متأخرة من الحياة.
الحالات الطبية أو الإجراءات الجراحية: بعض الرجال الذين يجرون عملية قطع القناة الدافقة، قد يرغبون في الاحتفاظ بفرصة الإنجاب مستقبلًا. كما أن بعض العلاجات، مثل علاج التستوستيرون أو فقر الدم المنجلي، يمكن أن تؤثر سلبًا على الخصوبة.
الوظائف الخطرة: الأشخاص الذين يعملون في وظائف خطرة، مثل العسكريين أو رجال الإطفاء، قد يلجؤون إلى تجميد الحيوانات المنوية للحفاظ على فرص الإنجاب مستقبلاً. فالتعرض لمخاطر مثل الحوادث أو المواد الكيميائية قد يؤثر سلبًا على الخصوبة، لذا يعد التجميد خيارًا وقائيًا يضمن إمكانية الإنجاب لاحقًا.
شروط تجميد الحيوانات المنوية
قبل البدء في عملية التجميد، هناك بعض الشروط التي يجب توفرها لضمان نجاح العملية:
جودة الحيوانات المنوية: يجب أن تكون الحيوانات المنوية ذات جودة عالية، ويتم التأكد من ذلك من خلال تحليل السائل المنوي.
عدم وجود التهابات أو أمراض معدية: يخضع الشخص لفحوصات للكشف عن الأمراض المعدية مثل فيروس نقص المناعة البشرية (HIV) والتهاب الكبد.
الامتناع عن القذف: قبل إيداع العينة، سيُطلب منك الامتناع عن ممارسة الجنس لمدة يومين إلى ثلاثة أيام، وذلك للحفاظ على جودة الحيوانات المنوية.
الموافقة الخطية: يجب أن يوافق الرجل على الإجراء قانونيًا ويوضح كيفية استخدام العينات في المستقبل.
اختيار مركز طبي موثوق: لضمان تخزين العينات في بيئة مناسبة بأحدث التقنيات.
طريقة تجميد الحيوانات المنوية وإذابتها
تتم عملية تجميد الحيوانات المنوية من خلال عدة خطوات دقيقة للحفاظ على سلامتها حتى لحظة الاستخدام:
1. جمع العينة:
عادةً، يتم جمع عدة عينات وفقًا لجودة الحيوانات المنوية والاحتياجات المستقبلية. يمكن الحصول على العينة عن طريق الاستمناء، ولكن في حال عدم وجود حيوانات منوية في العينة أو عدم القدرة على القذف، يمكن استخراجها جراحيًا مباشرةً من الخصية.
2. تحليل العينة:
بمجرد وصول السائل المنوي إلى المختبر، يقوم أخصائيو أمراض الذكورة بتحليله وإعداده للتخزين. يتم فصل الحيوانات المنوية عن السائل المنوي أو أنسجة الخصية، ثم فحص جزء صغير تحت المجهر لتقييم عددها، شكلها، وحركتها، مما يساعد في تحديد الحاجة إلى جمع عينات إضافية.
3. إضافة مواد حافظة:
لحماية جودة الحيوانات المنوية أثناء عملية التجميد، يتم إضافة محلول حافظة خاص إلى العينة. يساعد هذا المحلول في حماية الخلايا من التلف الناتج عن عملية التجميد، لكن قد تكون سامة للخلايا عند تركيزات أعلى.
4. التجميد:
توضع الحيوانات المنوية المُحضرة داخل محلول خاص للتجميد داخل قوارير صغيرة، ثم تُنقل إلى خزانات تخزين تحتوي على النيتروجين السائل. تُحفظ العينات عند درجة حرارة ثابتة تبلغ -196 درجة مئوية.
عادةً، تُقسّم الحيوانات المنوية لكل مريض إلى عدة قوارير موزعة على خزانات تخزين مختلفة، مما يضمن حماية العينات في حال حدوث أي خلل في أحد المجمدات.
5. الإذابة:
عند استعداد الشخص لاستخدام الحيوانات المنوية المجمدة، يتم إذابتها تدريجيًا في المختبر حتى تصل إلى درجة حرارة الغرفة. بعد ذلك، تخضع العينة للفحص للتأكد من بقاء عدد كافٍ من الحيوانات المنوية النشطة والمتحركة. ومع ذلك، قد لا تنجو نسبة تتراوح بين الثلث والنصف من الحيوانات المنوية بعد عملية التجميد والذوبان.
مدة تجميد الحيوانات المنوية
من الناحية النظرية، يمكن تخزين الحيوانات المنوية المجمدة لفترات غير محدودة، بشرط أن يتم حفظها بشكل صحيح في النيتروجين السائل وأن تكون العينة ذات جودة عالية منذ البداية. تم تحقيق نتائج ناجحة باستخدام الحيوانات المنوية المجمدة لأكثر من 20 عامًا.
نسبة نجاح تجميد الحيوانات المنوية
تختلف معدلات النجاح وفقًا لجودة الحيوانات المنوية بعد إذابتها، حيث قد تتأثر بعض الخلايا أثناء عملية التجميد والذوبان. ورغم ذلك، فقد ساهمت بنوك الحيوانات المنوية في ولادة آلاف الأطفال، لكن لا يوجد ضمان مطلق لحدوث الحمل.
تشير الدراسات إلى أن تأثير التجميد على معدلات نجاح الحمل ضئيل جدًا، حيث تتراوح معدلات النجاح عند استخدام الحيوانات المنوية المجمدة بين 30% و40%، وهو معدل مقارب لاستخدام الحيوانات المنوية الطازجة.
أضرار الحيوانات المنوية المجمدة على الجنين
لم تُظهر الدراسات أي اختلافات ملحوظة في الخصائص العامة للأطفال المولودين باستخدام تقنيات الإنجاب المساعدة بالحيوانات المنوية المجمدة مقارنةً بعامة السكان، من حيث (الوزن، الخداج، ولادة جنين ميت، نسبة الجنس). أخيرًا، لا يبدو أن استخدام الحيوانات المنوية المجمدة يؤثر على صحة الأطفال المولودين عن طريق IUI/IVF.
ملخص ما سبق:
يعد تجميد الحيوانات المنوية تقنية طبية حديثة تُستخدم للحفاظ على فرص الإنجاب، خاصةً للرجال الذين قد تتأثر خصوبتهم بسبب الأمراض أو العلاجات الطبية أو ظروف العمل الخطرة. تتم العملية عبر جمع العينة، تحليلها، إضافة مواد حافظة، ثم تجميدها في النيتروجين السائل، حيث يمكن تخزينها لفترات غير محدودة. رغم فقدان بعض الحيوانات المنوية أثناء التجميد والذوبان، فإن معدلات نجاح الحمل باستخدامها تظل قريبة من معدلات الحيوانات المنوية الطازجة. كما لم تُظهر الدراسات أي تأثير سلبي على صحة الأطفال المولودين بهذه الطريقة.
اقرأ المزيد عن هذا الموضوع: انخفاض عدد الحيوانات المنوية
اقرأ المزيد عن هذا الموضوع: استخراج الحيوانات المنوية من الخصية
اقرأ المزيد عن هذا الموضوع: تجميد البويضات
المراجع:
https://www.hopkinsmedicine.org/health/treatment-tests-and-therapies/sperm-banking#:~:text=Sperm%20banking%20is%20the%20process,in%20vitro%20fertilization%20(IVF).
https://www.healthline.com/health/fertility/freezing-sperm#legal
https://academic.oup.com/humupd/article-abstract/7/1/33/813876?redirectedFrom=PDF