تأجير الارحام

ما هو تأجير الارحام؟

إذا كانت المرأة غير قادرة على الحمل أو إكماله، يمكن اللجوء إلى استئجار الأرحام، حيث تحمل امرأة أخرى الجنين وتلد الطفل نيابة عن فرد أو زوجين يعانون من مشاكل إنجابية. يمكن أن يتم ذلك بدافع إنساني أو مقابل تعويض مالي، مع العلم أنه لا توجد علاقة بيولوجية بين الأم البديلة والطفل.

أسباب الحاجة إلى الرحم البديل

قد يُوصى بالرحم البديل في الحالات التالية:

  • غياب الرحم عند الولادة أو استئصال الرحم لأسباب طبية مختلفة.
  • تشوهات رحمية تمنع الحمل أو استمراره مثل الأورام الليفية الواسعة أو ندبات تجويف الرحم.
  • إصابة الأم بأمراض خطيرة، مثل أمراض القلب أو الكلى، والتي تُعرّض حياتها للخطر في حالة الحمل.
  • الإجهاضات المتكررة دون سبب واضح.

أنواع تأجير الرحم

هناك نوعان من الحمل البديل:

الحمل البديل التقليدي: في هذا النوع، تكون الأم البديلة هي نفسها صاحبة البويضة، مما يعني أنها مرتبطة وراثيًا بالطفل. يحدث الحمل من خلال حقن الحيوانات المنوية مباشرة في رحمها. ورغم أن هذا الأسلوب كان شائعًا في الماضي، إلا أنه لم يعد يُوصى به اليوم بسبب التعقيدات القانونية المحتملة.

الحمل البديل المضيف: في هذه الحالة، يتم الحصول على البويضات من الأم المقصودة، كما يمكن استخدام تقنية تبرع البويضات من امرأة أخرى، ثم تُخصَّب في المختبر، وبعد ذلك تُنقل الأجنة إلى رحم الأم البديلة. وبهذا، لا تكون الأم البديلة مرتبطة وراثيًا بالطفل، لأنها لا تستخدم بويضاتها في الحمل.

شروط تأجير الرحم

الشروط الأساسية لدى الأم البديلة:

  • العمر المناسب: يُفضَّل أن تكون الأم البديلة بين 21 و35 عامًا، حيث يكون هذا النطاق العمري أكثر أمانًا للحمل ويقلل من المخاطر الصحية المحتملة.
  • الصحة الجسدية الجيدة: يجب أن تتمتع بصحة عامة جيدة، دون وجود أمراض مزمنة مثل السكري أو ارتفاع ضغط الدم، والتي قد تؤثر على الحمل. أو الأمراض المنقولة جنسيا.
  • سجل طبي خالٍ من المضاعفات الحملية: يُشترط أن تكون قد خاضت تجربة حمل وولادة سابقة ناجحة، دون تاريخ من الإجهاض المتكرر أو الولادة المبكرة غير المبررة.
  • الاستقرار النفسي والعاطفي: يجب أن تكون في حالة نفسية مستقرة وقادرة على التعامل مع التحديات العاطفية المرتبطة بالحمل لصالح زوجين آخرين.
  • عدم وجود سجل لتعاطي التدخين أو المخدرات: الامتناع عن التدخين، الكحول، والمخدرات أمر ضروري للحفاظ على صحة الجنين.

الشروط الأساسية لدى الأب والأم:

  • الحالة الصحية الجيدة: يجب أن يكون الوالدان المقصودان في حالة صحية جيدة، مع عدم وجود أمراض وراثية أو مزمنة قد تؤثر على صحة الجنين.
  • عدم القدرة على الحمل لأسباب طبية مؤكدة: يُشترط وجود سبب طبي موثَّق يمنع الأم المقصودة من الحمل، مثل استئصال الرحم، تشوهات خلقية، أو أمراض خطيرة تجعل الحمل محفوفًا بالمخاطر.
  • الاستقرار النفسي والعاطفي: يجب أن يكون الوالدان قادرين على التعامل مع التحديات النفسية والعاطفية المرتبطة بهذه التجربة، بما في ذلك الانتظار والمتابعة المستمرة خلال فترة الحمل.
  • الاستقرار المالي: يجب أن يكون لديهما القدرة المالية على تغطية تكاليف تأجير الرحم، بما يشمل النفقات الطبية، الرعاية الصحية للأم البديلة، والتكاليف القانونية.

كم تستغرق عملية تأجير الأرحام؟

تستغرق عملية استئجار الرحم بالكامل، من الاستشارة الأولية إلى ولادة الطفل، عادةً من 12 إلى 18 شهرًا. يتضمن هذا الجدول الزمني العثور على الأم البديلة، والاستعدادات الطبية، ومدة الحمل.

كيف يتم تأجير الرحم؟ خطوة بخطوة

يُعتبر تأجير الأرحام من أكثر الإجراءات تعقيدًا في مجال الإنجاب المساعد، حيث يتطلب تنسيقًا دقيقًا بين الفرق الطبية، القانونية، والأطراف المعنية. يمر هذا الإجراء بعدة مراحل أساسية لضمان نجاح الحمل وسلامة الأم البديلة والجنين. فيما يلي خطوات تأجير الرحم بالتفصیل:

1. التقييم الطبي والقانوني للأطراف المعنية

قبل البدء في العملية، يخضع كل من الزوجين المقصودين والأم البديلة لفحوصات طبية شاملة. تهدف هذه الفحوصات إلى تقييم الصحة العامة، التحقق من سلامة الجهاز التناسلي، وضمان عدم وجود أمراض مزمنة قد تؤثر على الحمل. كما يتم إجراء تقييم نفسي للتأكد من استعداد الأم البديلة لخوض هذه التجربة.

على الصعيد القانوني، يتم توقيع عقد قانوني بين الأطراف يوضح جميع الحقوق والالتزامات، بما في ذلك التعويضات المالية، الرعاية الصحية، والمسؤوليات القانونية تجاه الطفل بعد الولادة.

2. تحفيز المبيض وإنتاج البويضات

في حال كان الحمل سيتم باستخدام بويضات الأم المقصودة، تبدأ الخطوة التالية باستخدام الأدوية الهرمونية التي تحفز المبايض على إنتاج البويضات المتعددة. خلال هذه المرحلة، يُجرى متابعة دقيقة عبر الفحوصات الدورية والتصوير بالسونار، لضمان تطور البويضات بشكل صحي ومناسب للإخصاب.

3. سحب البويضات والتخصيب في المختبر

بمجرد وصول البويضات إلى الحجم المناسب، يتم سحبها من المبيض عبر المهبل، والذي يتم تحت تأثير تخدير خفيف. بعد ذلك، تُخصب البويضات بحيوانات منوية من الأب داخل المختبر. 

4. تحضير رحم الأم البديلة

في الوقت نفسه، يتم تحضير رحم الأم البديلة لاستقبال الجنين عن طريق إعطائها أدوية هرمونية لتحفيز بطانة الرحم وجعلها جاهزة للانغراس. يتم متابعة هذه المرحلة بدقة لضمان أن بطانة الرحم أصبحت سميكة بالقدر الكافي لدعم الحمل.

5. نقل الجنين إلى رحم الأم البديلة

بعد الإخصاب وتكوين الأجنة، يتم اختيار أفضل جنين من حيث الجودة ويتم نقله إلى رحم الأم البديلة عبر إجراء بسيط وغير مؤلم. يتم ذلك باستخدام قسطرة دقيقة تمر عبر عنق الرحم دون الحاجة إلى تخدير.

6. المتابعة الطبية أثناء الحمل

بمجرد انغراس الجنين وبدء الحمل، تحتاج الأم البديلة إلى رعاية طبية مستمرة لضمان سلامتها وسلامة الجنين. تشمل هذه المرحلة الفحوصات الدورية، اختبارات الدم، والتصوير بالموجات فوق الصوتية لمتابعة تطور الجنين. كما يتم تقديم الدعم النفسي للأم البديلة طوال فترة الحمل.

7. الولادة وتسليم الطفل

عند اكتمال الحمل، تتم الولادة إما بشكل طبيعي أو عبر عملية قيصرية، حسب الحالة الطبية. بعد الولادة، يتم تسليم الطفل إلى الوالدين المقصودين وفقًا للعقد القانوني المتفق عليه مسبقًا. تُستكمل الإجراءات القانونية لتسجيل الطفل رسميًا باسمهما.

تكلفة تأجير الرحم

تأجير الرحم عملية مكلفة جدًا، حيث تتضمن العديد من النفقات الطبية والقانونية. تبدأ التكاليف من الفحوصات الطبية، وأدوية تحفيز المبيض، بالإضافة إلى إجراء عملية أطفال الانابيب (IVF)، وهو إجراء دقيق يحتاج إلى متابعة مستمرة. إلى جانب ذلك، يجب دفع تعويض مالي للأم البديلة، كما يجب تغطية جميع نفقاتها الطبية طوال فترة الحمل، مثل الفحوصات المنتظمة، الرعاية الصحية، والتغذية. 

تختلف تكلفة تأجير الرحم كثيرًا من بلد إلى آخر، وذلك بسبب الظروف الاقتصادية، وتكاليف المعيشة. يمكن أن تتراوح ما بين 10.000 إلى 200.000 دولار على المستوى العالمي. في بعض الدول، مثل الولايات المتحدة، يكون هذا الإجراء مكلفًا جدًا بسبب الأجور المرتفعة للأم البديلة، والتكاليف الطبية الباهظة. لكن في المقابل، تكون الأسعار أقل بكثير في الدول الآسيوية أو في منطقة أمريكا اللاتينية.

اقرأ المزيد عن هذا الموضوع: اسعار تأجير الارحام في ايران

تأجير الأرحام في الإسلام والعالم العربي

يعد تأجير الأرحام قضية حساسة في المجتمعات العربية، حيث تعارضه العديد من المؤسسات الدينية والقانونية. تعتبر الفتاوى الإسلامية عمومًا تأجير الأرحام غير جائز، خاصة في حال كان هناك أي خلط في الأنساب. [1]

ولكن الدول الشيعية تسمح بهذه العملية، حيث يعتبره علماء الشيعة مشابهًا لعملية الرضاع، حيث إن المرأة التي تُرضع طفلًا لا تصبح والدته البيولوجية، وإنما فقط تساهم في تغذيته ونموه.  [2]

نسبة نجاح تأجير الرحم

قد تختلف معدلات النجاح بشكل كبير من شخص إلى آخر حسب عوامل مثل خصوبة الأم البديلة وصحتها العامة، وجودة البويضات والحيوانات المنوية المستخدمة. إذا استخدمت بويضاتك الذاتية في الحمل البديل، تكون نسبة النجاح حسب العمر كما يلي:

  •  أقل من 35 عاما: 46%
  • ما بين 35 إلى 37 عاما: 34%
  • ما بين 38 إلى 40 عاما: 21%
  • ما بين 41 إلى 42 عاما: 10%
  • فوق 42 عاما: 3% 

لكن في حال استخدام البويضات المتبرعة، يكون معدل النجاح أعلى بكثير. [3]

المخاطر والتحديات المرتبطة بتأجير الأرحام

على الرغم من الفوائد العديدة، فإن تأجير الأرحام ينطوي على تحديات طبية، نفسية، وأخلاقية يجب أخذها بعين الاعتبار:

1. المخاطر الطبية

  • المضاعفات الصحية للأم البديلة: مثل ارتفاع ضغط الدم أثناء الحمل، سكري الحمل، أو مشكلات الولادة.
  • مخاطر التلقيح الصناعي: كالإجهاض، الحمل المتعدد، أو ولادة مبكرة.
  • التأثيرات الهرمونية: نتيجة الأدوية المستخدمة لتحفيز المبيض لدى الأم المقصودة أو تحضير بطانة الرحم لدى الأم البديلة.

2. التحديات النفسية والاجتماعية

  • التعلق العاطفي: قد تواجه الأم البديلة صعوبة في الانفصال عن الطفل بعد الولادة.
  • المشكلات العائلية: في بعض الحالات، قد يؤثر تأجير الأرحام على العلاقات الأسرية، خاصة إذا كانت الأم البديلة قريبة من الزوجين.
  • الضغوط الاجتماعية: قد تواجه الأمهات البديلات وصمة اجتماعية في بعض الثقافات، مما قد يسبب مشكلات نفسية لهن.

3. الإشكاليات القانونية

يختلف الوضع القانوني لتأجير الأرحام بين الدول، حيث تحظره بعض الدول بالكامل، بينما تنظمه دول أخرى من خلال قوانين صارمة. من القضايا القانونية المهمة:

  • حقوق الوالدين: في بعض الدول، قد تواجه الأسر صعوبات في تسجيل الطفل قانونيًا كابن للأبوين المقصودين.
  • تعويض الأم البديلة: تختلف القوانين حول التعويض المالي، حيث تسمح بعض الدول بتأجير الأرحام التجاري، بينما تفرض أخرى أن يكون الإجراء تطوعيًا بحتًا.

النتيجة:

رغم الفوائد التي يقدمها تأجير الأرحام، إلا أنه إجراء معقد يتطلب دراسة متأنية للجوانب الطبية، القانونية، والمالية. تختلف القوانين المتعلقة بتأجير الأرحام من بلد إلى آخر، مما يدفع بعض الأزواج للسفر إلى دول حيث يكون هذا الإجراء قانونيًا وأكثر توفرًا. كما أن التكلفة المرتفعة والمخاطر المحتملة تجعل من الضروري الحصول على استشارة طبية وقانونية قبل اتخاذ القرار. في النهاية، تأجير الأرحام ليس مجرد إجراء طبي، بل هو تجربة عاطفية وإنسانية تتطلب تفهمًا ودعمًا من جميع الأطراف لضمان نجاحها بشكل آمن وأخلاقي.

المراجع:

  1. https://www.islamweb.net/ar/fatwa/10282/%D8%AD%D9%83%D9%85-%D8%AA%D8%A3%D8%AC%D9%8A%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%AD%D9%85
  2. https://www.sistani.org/arabic/qa/02301/
  3. https://adonisfertilityintl.com/success-rates/#:~:text=According%20to%20SART%20data%2C%20the,drops%20further%20to%20around%2027%25.&text=Every%20situation%20is%20unique%20and%20different.

 

تقييمك :

يشارك :

مصدر :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *