منذ أكثر من 30 عامًا، بدأت تقنية الحقن المجهري (ICSI) في مساعدة الرجال المصابين بالعقم على الإنجاب. ومنذ ذلك الحين، يتساءل العلماء عن مدى صحة الأطفال المولودين بهذه الطريقة. هذا التساؤل ينبع من أن الحقن المجهري يختلف عن الإخصاب الطبيعي أو حتى التلقيح الاصطناعي التقليدي، فهو يلغي عملية “الانتقاء الطبيعي” للحيوانات المنوية.
في الطريقة التقليدية للتلقيح (سواء الطبيعي أو في المختبر)، يتم وضع آلاف الحيوانات المنوية مع البويضة، وتتنافس هذه الحيوانات لتخصيبها. يُعتقد أن هذا التنافس يضمن أن الحيوان المنوي الأقوى والأكثر صحة هو الذي ينجح في تخصيب البويضة.
أما في الحقن المجهري (ICSI)، فعندما يكون عدد الحيوانات المنوية لدى الرجل قليلًا أو جودتها ضعيفة، يستخدم الطبيب أدوات خاصة لاختيار حيوان منوي واحد وحقنه مباشرة في البويضة. بسبب إلغاء عملية التنافس هذه، نشأ قلق من أن جودة الحيوانات المنوية قد تؤثر على صحة الأطفال.
نسبة العيوب الخلقية: مقارنة بين الحمل الطبيعي وعلاجات الخصوبة
دراسة حديثة شملت 30,000 ولادة في جنوب أستراليا قدمت رؤى مهمة حول مخاطر العيوب الخلقية المرتبطة بعلاجات الخصوبة. كشفت الدراسة أن 8.3% من الأطفال المولودين نتيجة أي علاج للخصوبة يعانون من بعض العيوب الخلقية، مقارنة بـ 5.8% من الأطفال المولودين بشكل طبيعي.
بشكل خاص، كانت المخاطر أعلى مع الحقن المجهري (ICSI). فمن بين 939 طفلًا وُلدوا باستخدام الحقن المجهري، كان 91 طفلًا منهم (أي 9.9%) يعانون من عيب خلقي. هذا يشير إلى أن الأطفال المولودين عن طريق الحقن المجهري كانوا أكثر عرضة للعيوب الخلقية، حتى بعد ضبط العوامل الأخرى المؤثرة.
دور العوامل المختلفة على صحة الأطفال
بينما أشارت بعض الدراسات إلى احتمالية وجود ارتفاع طفيف في خطر بعض المشكلات الصحية لدى الأطفال المولودين بتقنية الحقن المجهري (ICSI)، مثل انخفاض الوزن عند الولادة أو بعض العيوب الخلقية البسيطة، من المهم جدًا التأكيد على أن الخطر الإجمالي يظل منخفضًا جدًا.
يجب أن نتذكر أن صحة الطفل تتأثر بالعديد من العوامل الأخرى، ليس فقط طريقة الحمل. فعلى سبيل المثال، عمر الأم، ومشاكل العقم الأساسية، والاستعداد الوراثي، والعوامل البيئية، والحمل المتعدد يمكن أن تلعب دورًا كبيرًا في صحة الطفل.
لضمان أفضل رعاية، تُعد الرعاية المنتظمة قبل الولادة وبعدها ضرورية لمتابعة صحة ونمو الأطفال المولودين بالحقن المجهري، تمامًا كما هو الحال في أي حمل آخر. هذا يضمن اكتشاف أي مشكلات محتملة والتعامل معها مبكرًا.
الخلاصة والتوصية:
تستخدم بعض عيادات الخصوبة الآن الحقن المجهري (ICSI) لمعظم مرضاها بدلًا من التلقيح الاصطناعي العادي (IVF). لكن هذا يثير تساؤلات، فالأبحاث تُشير إلى أن الحقن المجهري يُحسن فرص الحمل فقط في حالات العقم الذكوري (مشاكل الحيوانات المنوية).
الخبراء يشككون في هذه الممارسات لأن الحقن المجهري أغلى ويتطلب مهارةً يدويةً أكبر، كما أن هناك دراسات تُشير إلى أن أطفال الحقن المجهري قد يكون لديهم خطر أعلى قليلًا للإصابة بعيوب خلقية مقارنة بأطفال المولودين عن الطريقة العادية (IVF).
لذلك، إذا لم يكن زوجك يعاني من مشكلة في خصوبة الذكور، فالحقن المجهري لن يزيد من فرص حملكِ بشكل ملحوظ، ويمكنكما توفير المال باختيار الطريقة التقليدية (IVF).
اقرأ أيضا: تجربتي مع الحقن المجهري للحمل بتوأم بالتفصيل
اقرأ أيضا: مخاطر الحقن المجهري
المراجع:
https://pubmed.ncbi.nlm.nih.gov/22559061/
https://www.fertilitycenter.com/fertility_cares_blog/icsi-and-the-risk-of-birth-defects-2/